هو سالم بن عبد الله بن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الإمام الزاهد، الحافظ، مفتي المدينة، أبو عمر، وأبو عبد الله، ولد في خلافة عثمان رضي الله عنه. وأمه أم ولد.
وكان سعيد بن المسيب يقول: أشبه ولد عمر به عبد الله، وأشبه ولد عبد الله به سالم. وهو من سادات التابعين وعلمائهم وثقاتهم.
وحدّث عن: أبيه، وعائشة، وأبي هريرة رضي الله عنه، وحدث عن غيرهم، وروى عنه: ابنه أبو بكر، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي، والزهري، وعبيد الله بن عمر.
من أهم ملامح شخصيته:
عفته وزهده وإيثاره الآخرة على الدنيا:
عُرِفَ في زمانه بزهده وورعه، وقال عنه الإمام مالك: لم يكن أحد في زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه.
ولقد دخل هشام بن عبد الملك في حجه الكعبة؛ فإذا هو بسالم بن عبد الله فقال له: سالم سلني حاجة، فقال: إني لأستحي من الله أن أسأل في بيته غيره، فلما خرج سالم خرج هشام في أثره؛ فقال له: الآن قد خرجت من بيت الله فسلني حاجة، فقال سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة، قال: من حوائج الدنيا فقال سالم: إني ما سألت الدنيا من يملكها؛ فكيف أسألها من لا يملكها،
وكان سالم خشن العيش يلبس الصوف الخشن، وكان يعالج بيده أرضًا له وغيرها من الأعمال ولا يقبل من الخلفاء وكان متواضعا وكان شديد الأدمة وله من الزهد والروع شيء كثير.
وفي يوم عرفه نظر إليه هشام بن عبد الملك فرآه في ثوبين متجردًا فرأى كدنة حسنة فقال: يا أبا عمر، ما طعامك؟ قال: الخبز والزيت، فقال هشام: كيف تستطيع الخبز والزيت قال أخمره فإذا اشتهيته أكلته قال: فوعك سالم ذلك اليوم فلم يزل موعوكًا حتى قدم المدينة.
وبلغ من زهده أنه لم يكن ليجمع شيئًا إلا للدار الآخرة، وكان ما في بيته من أساس لا يساوي شيًا فقد آثر أن يُجهز داره في الآخرة، ودخل عليه ميمون بن مهران فقوم كل شيء في بيته فما وجده يساوي مائة درهم، ودخل عليه مرة أخرى فما وجدت ما يسوى ثمن طيلسان.
علمه:
أما عن علمه فكان يُعد من علماء أهل المدينة، لذا كان مرجع أهل المدينة في الفتوى، وقال علي بن الحسن العسقلاني عن عبد الله بن المبارك: كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وسالم بن عبد الله بن عمر، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وخارجة بن زيد بن ثابت. قال: وكانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا فيها جميعًا فنظروا فيها؛ ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم فينظرون فيها فيصدرون. وكان مجلسه ومجلس القاسم بن محمد في مسجد رسول الله r واحدًا تجاه خوخة عمر بين القبر والمنبر.
خوفه من التعدي على حدود الله:
وكان وقَّافًا عن حدود الله ومن ذلك ما يرويه عطاء بن السائب: أن الحجاج دفع إلى سالم بن عبد الله سيفًا وأمره بقتل رجل فقال سالم للرجل: أمسلم أنت؟ قال: نعم امض لما أُمرت به، قال: فصليت اليوم صلاة الصبح؟ قال: نعم قال: فرجع إلى الحجاج فرمى إليه بالسيف، وقال: إنه ذكر أنه مسلم وأنه قد صلى صلاة الصبح اليوم، وإن رسول الله r قال: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله قال الحجاج: لسنا نقتله على صلاة الصبح، ولكنه ممن أعان على قتل عثمان قال سالم: ها هنا من هو أولى بعثمان مني
فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال: ما صنع سالم؟ قالوا صنع كذا وكذا فقال بن عمر: مكيس مكيس.
نصحه لله ولرسوله:
وكان سالم بن عبد الله ناصحًا له ولرسوله وللأئمة المسلمين، ولما آلت الخلافة إلى
عمر بن عبد العزيز كتب إليه يقول: يا عمر، فإنه قد ولى الخلافة والملك قبلك أقوام
فماتوا على ما قد رأيت، ولقوا الله فرادى بعد الجموع والحفدة والحشم، وعالجوا نزع
الموت الذي كانوا منه يفرون، فانفقأت عينهم التي كانت لا تفتأ تنظر لذاتها، واندفنت
رقابهم غير موسدين بعد لين الوسائد وتظاهر الفرش والمرافق والسرر والخدم،
وانشقت بطونهم التي كانت لا تشبع من كل نوع ولوث من الأموال والأطعمة، وصاروا
جيفا بعد طيب الروائح العطرة حتى لو كانوا إلى جانب مسكين ممن كانوا يحقرونه وهم
أحياء لتأذي بهم ولنفر منهم بعد إنفاق الأموال على أغراضهم من الطيب والثياب
الفاخرة اللينة، كانوا ينفقون الأموال إسرافًا في أغراضهم وأهوائهم ويقترون في حق
الله وأمره فإن استطعت أن تلقاهم يوم القيامة وهم محبوسون مرتهنون بما عليهم وأنت
غير محبوس ولا مرتهن بشيء فافعل واستعن بالله ولا قوة إلا بالله سبحانه...
وما ملك عما قليل بسالم * ولو كثرت أحراسة ومواكبه
ومن كان ذا باب شديد وحاجب * فعما قليل يهجر الباب حاجبه
وما كان غير الموت حتى تفرقت * إلى غيره أعوانه وحبائبه
فأصبح مسرورًا به كل حاسد * وأسلمه أصحابه وحبائبه
وطلب منه عمر بن عبد العزيز حينما تولى الخلافة سنة 99هـ أن يكتب له سيرة جده عمر بن الخطاب ليهتدي الناس بهداه، فكتب إليه سالم إن عمر كان في غير زمانك ومع غير رجالك، وإنك إن عملت في زمانك ورجالك بمثل ما عمل به عمر في زمانه ورجاله، كنت مثل عمر وأفضل.
وفاته رحمه الله :
لم يزل سالم بن عبد الله بن عمر ناصحًا لله ولرسوله، معلمًا لغيره ما تعلمه من علم، عاملاً بما يعلم؛ حتى وافته المنية سنة ست ومائة في آخر ذي الحجة وكان هشام بن عبد الملك يومئذ بالمدينة، وكان حج بالناس تلك السنة ثم قدم المدينة فوافق موت سالم بن عبد الله فصلى عليه، ورأى كثرة قال أخبرنا محمد بن عمر عن أفلح وخالد بن القاسم قالا صلى هشام بن عبد الملك على سالم بن عبد الله بالبقيع لكثرة الناس فلما رأى هشام كثرة الناس بالبقيع فقال لإبراهيم بن هشام المخزومي: اضرب على الناس بعث أربعة آلاف فسمي عام الأربعة آلاف قال فكان الناس إذا دخلوا الصائفة خرج أربعة آلاف من المدينة إلى السواحل فكانوا هناك إلى انصراف الناس وخروجهم من الصائفة. ويعلم من حياته أنه ولد ومات في المدينة المنورة
وكان سعيد بن المسيب يقول: أشبه ولد عمر به عبد الله، وأشبه ولد عبد الله به سالم. وهو من سادات التابعين وعلمائهم وثقاتهم.
وحدّث عن: أبيه، وعائشة، وأبي هريرة رضي الله عنه، وحدث عن غيرهم، وروى عنه: ابنه أبو بكر، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي، والزهري، وعبيد الله بن عمر.
من أهم ملامح شخصيته:
عفته وزهده وإيثاره الآخرة على الدنيا:
عُرِفَ في زمانه بزهده وورعه، وقال عنه الإمام مالك: لم يكن أحد في زمان سالم أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه.
ولقد دخل هشام بن عبد الملك في حجه الكعبة؛ فإذا هو بسالم بن عبد الله فقال له: سالم سلني حاجة، فقال: إني لأستحي من الله أن أسأل في بيته غيره، فلما خرج سالم خرج هشام في أثره؛ فقال له: الآن قد خرجت من بيت الله فسلني حاجة، فقال سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة، قال: من حوائج الدنيا فقال سالم: إني ما سألت الدنيا من يملكها؛ فكيف أسألها من لا يملكها،
وكان سالم خشن العيش يلبس الصوف الخشن، وكان يعالج بيده أرضًا له وغيرها من الأعمال ولا يقبل من الخلفاء وكان متواضعا وكان شديد الأدمة وله من الزهد والروع شيء كثير.
وفي يوم عرفه نظر إليه هشام بن عبد الملك فرآه في ثوبين متجردًا فرأى كدنة حسنة فقال: يا أبا عمر، ما طعامك؟ قال: الخبز والزيت، فقال هشام: كيف تستطيع الخبز والزيت قال أخمره فإذا اشتهيته أكلته قال: فوعك سالم ذلك اليوم فلم يزل موعوكًا حتى قدم المدينة.
وبلغ من زهده أنه لم يكن ليجمع شيئًا إلا للدار الآخرة، وكان ما في بيته من أساس لا يساوي شيًا فقد آثر أن يُجهز داره في الآخرة، ودخل عليه ميمون بن مهران فقوم كل شيء في بيته فما وجده يساوي مائة درهم، ودخل عليه مرة أخرى فما وجدت ما يسوى ثمن طيلسان.
علمه:
أما عن علمه فكان يُعد من علماء أهل المدينة، لذا كان مرجع أهل المدينة في الفتوى، وقال علي بن الحسن العسقلاني عن عبد الله بن المبارك: كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وسالم بن عبد الله بن عمر، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وخارجة بن زيد بن ثابت. قال: وكانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا فيها جميعًا فنظروا فيها؛ ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم فينظرون فيها فيصدرون. وكان مجلسه ومجلس القاسم بن محمد في مسجد رسول الله r واحدًا تجاه خوخة عمر بين القبر والمنبر.
خوفه من التعدي على حدود الله:
وكان وقَّافًا عن حدود الله ومن ذلك ما يرويه عطاء بن السائب: أن الحجاج دفع إلى سالم بن عبد الله سيفًا وأمره بقتل رجل فقال سالم للرجل: أمسلم أنت؟ قال: نعم امض لما أُمرت به، قال: فصليت اليوم صلاة الصبح؟ قال: نعم قال: فرجع إلى الحجاج فرمى إليه بالسيف، وقال: إنه ذكر أنه مسلم وأنه قد صلى صلاة الصبح اليوم، وإن رسول الله r قال: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله قال الحجاج: لسنا نقتله على صلاة الصبح، ولكنه ممن أعان على قتل عثمان قال سالم: ها هنا من هو أولى بعثمان مني
فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال: ما صنع سالم؟ قالوا صنع كذا وكذا فقال بن عمر: مكيس مكيس.
نصحه لله ولرسوله:
وكان سالم بن عبد الله ناصحًا له ولرسوله وللأئمة المسلمين، ولما آلت الخلافة إلى
عمر بن عبد العزيز كتب إليه يقول: يا عمر، فإنه قد ولى الخلافة والملك قبلك أقوام
فماتوا على ما قد رأيت، ولقوا الله فرادى بعد الجموع والحفدة والحشم، وعالجوا نزع
الموت الذي كانوا منه يفرون، فانفقأت عينهم التي كانت لا تفتأ تنظر لذاتها، واندفنت
رقابهم غير موسدين بعد لين الوسائد وتظاهر الفرش والمرافق والسرر والخدم،
وانشقت بطونهم التي كانت لا تشبع من كل نوع ولوث من الأموال والأطعمة، وصاروا
جيفا بعد طيب الروائح العطرة حتى لو كانوا إلى جانب مسكين ممن كانوا يحقرونه وهم
أحياء لتأذي بهم ولنفر منهم بعد إنفاق الأموال على أغراضهم من الطيب والثياب
الفاخرة اللينة، كانوا ينفقون الأموال إسرافًا في أغراضهم وأهوائهم ويقترون في حق
الله وأمره فإن استطعت أن تلقاهم يوم القيامة وهم محبوسون مرتهنون بما عليهم وأنت
غير محبوس ولا مرتهن بشيء فافعل واستعن بالله ولا قوة إلا بالله سبحانه...
وما ملك عما قليل بسالم * ولو كثرت أحراسة ومواكبه
ومن كان ذا باب شديد وحاجب * فعما قليل يهجر الباب حاجبه
وما كان غير الموت حتى تفرقت * إلى غيره أعوانه وحبائبه
فأصبح مسرورًا به كل حاسد * وأسلمه أصحابه وحبائبه
وطلب منه عمر بن عبد العزيز حينما تولى الخلافة سنة 99هـ أن يكتب له سيرة جده عمر بن الخطاب ليهتدي الناس بهداه، فكتب إليه سالم إن عمر كان في غير زمانك ومع غير رجالك، وإنك إن عملت في زمانك ورجالك بمثل ما عمل به عمر في زمانه ورجاله، كنت مثل عمر وأفضل.
وفاته رحمه الله :
لم يزل سالم بن عبد الله بن عمر ناصحًا لله ولرسوله، معلمًا لغيره ما تعلمه من علم، عاملاً بما يعلم؛ حتى وافته المنية سنة ست ومائة في آخر ذي الحجة وكان هشام بن عبد الملك يومئذ بالمدينة، وكان حج بالناس تلك السنة ثم قدم المدينة فوافق موت سالم بن عبد الله فصلى عليه، ورأى كثرة قال أخبرنا محمد بن عمر عن أفلح وخالد بن القاسم قالا صلى هشام بن عبد الملك على سالم بن عبد الله بالبقيع لكثرة الناس فلما رأى هشام كثرة الناس بالبقيع فقال لإبراهيم بن هشام المخزومي: اضرب على الناس بعث أربعة آلاف فسمي عام الأربعة آلاف قال فكان الناس إذا دخلوا الصائفة خرج أربعة آلاف من المدينة إلى السواحل فكانوا هناك إلى انصراف الناس وخروجهم من الصائفة. ويعلم من حياته أنه ولد ومات في المدينة المنورة